الثلاثاء، 25 أغسطس 2015

التنظيف الذي يمحو الاحزان



فعل التنظيف وإزالة الغبار وغسل الاطباق من الأشياء التي تقوم بها الكثير من السيدات مكرهة لأن يجب ان يقوم بها شخص ما ولا يوجد غيرها فتقوم بها، وانا من هؤلاء السيدات بالطبع، ومن يعتقد انني اعشق التنظيف مخطئ، انا فقط أكره الفوضى والتراب، فهي تضغط على روحي، وتمنعني من التركيز، وإن اردت الاحتفال بإنجاز ما لا أستطيع ان افعل سوى في مكان منظم ونظيف، وبما ان الاستعانة بشخص ما لينظف ليس متاحاً لي طوال الوقت فلا يوجد امامي حل سوى ان افعلها بنفسي.
ولكن هذا الفعل يأخذ ابعاداً أخرى حين أكون يتراكم غبار الحزن على روحي، ويصيبني بحالة من الشلل، فعلى سبيل المثال بعد وفاة حماي بيومين قمت بحملة تنظيف شاملة على شقتي في العبور على الرغم من كوني سأغادرها بعد اقل من أربعة وعشرون ساعة واعود إليها بعد أسبوع واجدها متربة مرة أخرى، ثم ذهبت بعد ذلك لمنزل اهل محمد ولم أستطع ان امنع نفسي من دخول المطبخ لغسل اكواب الشاي ثم ازيل اثار عدوان أطفال العائلة على المنزل.
واتذكر بعد حادثة السيارة وحين كنت في قمة حزني وقلقي وتعبي ورغم اصابتي في قدمي وركبتي وكدمات أخرى تحاملت على نفسي وقمت نظفت الشقة وغسلت السجاجيد وأنا ابكي طوال الوقت.
هناك من يغرقون احزانهم في الطعام او ينامون لأوقات طويلة، ولكني لا أستطيع ان أقوم بأي من الامرين عندما يصل حزني إلى منتهاه، التنظيف في هذه الحالة يعطي عقلي هدنة من التفكير، والتركيز في إزالة الغبار ينسيني ما اتألم من شأنه، أصبح آلة هدفها ان تقوم بمهمتها على أفضل وجه وعندما انتهي أكون منهكة أكثر مما يسمح بأي تفكير قد يؤرقني، اجلس هادئة في أحد الأركان واشعر اني فارغة من الداخل واحظى بلحظات سلام أخذ خلالها العديد من القرارات الهامة، وألملم شتاتي واستطيع بعدها ان أقوم وأكمل حياتي.
التنظيف في تلك الأوقات فعل ملهم ومريح للنفس، ويمكنني ان اعتبره طبيبي النفسي الحقيقي، فلا كلام مع أصدقاء، ولا محاولة تخفيف استطاع ان يؤدي مهمته.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق