الأربعاء، 1 يونيو 2016

أنا اللي مش أنا






بفضل هذه المدونة عرفت اليوم الأول الذي بدأت به حميتي الغذائية هو يوم 20 فبراير 2016 سأحفظ هذا التاريخ لأنه يعتبر تاريخ ميلادي من جديد أو تاريخ انتصار جديد يضاف على انتصاراتي.
قبلها لم أقم بحمية غذائية ابداً، نظمت غذائي وقللته ومارست التمارين وفقدت بعض الوزن الزائد قبل زواجي، لكن دون حمية غذائية والتزام بأكلات محددة، لذلك أنا فخورة بالتزامي قدر إمكاني خلال الثلاث شهور الماضية.
فقدت خلالهم من 11-12 كجم تبعاً لأخر مرة سجلت وزني، وعدت بشكلي لما كنت عليه قبل الزواج ولكن ليس تلك النقطة التي أنوي التوقف عندها، فتلك التي كنتها قبل الزواج لم تكن أنا، ولن أتوقف حتى ابلغ تلك الأنا.
حتى أوضح مقصدي سأعود بضعة سنوات للخلف، عندما استيقظت فتاة في يوم من الأيام مراهقة، تنظر لنفسها في المرآه بتعجب، وتقول لكن تلك ليست أنا، أنا في ذهني أجمل وأرشق، صُدمت تلك الفتاة، واستسلمت بعدها للأمر الواقع فلم يكن من المتوقع أو المقبول منها محاولة تحسين مظهرها في هذا السن أو حتى محاولة التعبير عن استيائها من شيء تافهة مثل ذلك لمن حولها.
كبرت، عانت من بعض الإحباطات، لتكمل تحللها من عهودها اتجاه نفسها، لتدخل كلية لا تناسبها ولا ترغب فيها، ولا تحقق أي من طموحاتها لتبعد أكثر عن صورة الأنا المتخيلة في رأسها، يأتي بعد ذلك عمل روتيني لا يشبع الروح، ولا أمل فيه بالمستقبل، لتتشكل أمام الأخرين شخصية مغايرة لها تماماً، لكن من داخلها تطل من وقت لأخر فتاة أخرى تقول "لازلت هنا" لا تنسيني.
إذاً لقد عشت حياة كاملة بشكل غير الشكل الذي أتخيل عليه نفسي، وأسلوب لبس لا يلائم شخصيتي، أدرس دراسة لا تهمني، وأعمل في عمل لا أحبه، ماذا كان ينقصني حتى أفقد هويتي تماماً؟
كان ينقصني في هذه اللحظة الزوج بالطبع، وقد حاولت طمس أخر معالم روحي مع زوج عادي من زواج الصالونات لكن ظلت تلك النقطة عصية علي، تلك الفتاة في داخلي كانت ترفض وتحارب، تخرج أسلحة خفية وقت اللزوم كفيلة بتطفيش أي عريس تسول له نفسه الاقتراب، كان تعلم ان تلك معركتها الأخيرة، ولو هُزمت سيتم دفنها وسيطلب إحيائها القيام بالمعجزات.
لكن تلك الفتاة أثبتت إنها تستطيع الحصول على الانتصارات الأهم بين خيبات كثيرة، فعثرت لي على زوجي وصديقي وحبيبي، في البداية استغربت اختيارها، استنكرته، لكنها صممت على إنه فقط الملائم لها، وقد انتصرت بمساعدة الكثير من الظروف والصدف الغريبة التي لو ظللت مائة عام أفكر بها لما استطعت تفهم كيف ترتبت الأمور على هذه الشاكلة.
حققت انتصاري الأول على تلك الروتينية التي استعبدت جسدي، وتزوجت ممن أريد، لتطل "أنا" من شباك روحي وتنظر وقتها نظرة ثقة وانتصار، فقد أخذت أولى خطواتها لتخرج للحياة من جديد.
دخلت بعدها في دوامة الزواج، الحمل، الإنجاب، تقريبا أول عامين من زواجي، لتكبر ابنتي قليلاً واكتشف إني أريد المزيد، تلك الفتاة في داخلي لن تستسلم الآن، لقد ألقت أسلحتها واحترمت الوقت الذي احتجته حتى أرسي قواعدي في حياتي الجديدة كزوجة وأم ويكفيني هذا القدر.
بدأت بعدها في الحصول على دورات تدريبية من المنزل، كان تلك الخطوة مثل الضربات الأولى لشخص موشك على الغرق، لا يعلم كيف يسبح بالضبط، لكن لن يقف ساكناً حتى نهايته، وجاءت فرصتي الكبرى في إحدى الأيام عندما فتحت ملف الوورد ورجعت أكتب مرة أخرى ولأول مرة منذ سنوات، وهنا قررت تلك المخفية الخروج لأول مرة، وقد عرفت وقتها إنها لا تستطيع التنفس سوى كلمات.
رحلة مر عليها أكثر من عامين، كل يوم أراها تكبر وتنضج، تنتصر وتُهزم، لكن تقوم من جديد، أمنت مرة أخرى بنفسي وإني أستطيع أن احقق ما أريد، فقط إن أردته بصدق وصممت على الوصول إليه، تصبح بعد تلك الخطوة الأمور سهلة بالنسبة لي، تنظيم وخطط وعمل.
ولكن تلك المخفية لازالت تريد المزيد، هي لا يعجبها فقط أن أعمل ما أحب، هي ترغب في أن تكتمل صورتي الخارجية حتى تتماشي مع الداخلية، ترغب في تحقيق حلم قديم، لذلك بدأت خطواتها في خلع الحجاب، خطوة تهربت منها، اقنعت نفسي إني لا أريدها ولا احتاجها، ولكن ظلت في مؤخرة رأسي لا تتوقف عن الدوران، وكما يحدث مع كل قرار كبير في حياتي وفي اللحظة المناسبة ولا أعلم حتى الآن لماذا كانت مناسبة، أخذت قراري ونفذته بمنتهى السهولة، ولأنظر لنفسي وأتساءل لماذا إذاً انتظرتِ كل هذه المدة؟
أعتقد إني كنت في انتظار أن تكتسب تلك الداخلية قوة تعينني، وإن من دون قوتها هذه لما استطعت أن أخذ هذا القرار ابداً.
بعد قراري ذلك بشهرين اتى قراري الأخر الذي بدأت به هذه التدوينه، قررت أن أتخلص من وزني الزائد، الذي كلما نظرت لنفسي للمرأة الآن أقف منذهلة، أين ومتى تكون كل تلك الدهون؟ كيف سمحت لها بأن تعشش مثل الغربان أو الوطاويط وتحتل جسدي؟
بدأت المعركة في 20 فبراير 2016، ولن أتوقف أو أنهزم حتى أصل إلى خط النهاية.
أنهيت النصف الأسهل من المعركة، أو ربما كان الأصعب لإن البدايات دوماً صعبة، وسأبدأ من اليوم النصف الثاني، ونيتي أن خلال شهور يونيو ويوليو واغسطس أن أهزم تلك الدهون هزيمة تامة.
ربما وقتها تلك المختفية أو "أنا" الحقيقية تستطيع أن تفخر بانتصار جديد، وتستطيع في النهاية توحيد مظهري الخارجي مع الداخلي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق